السؤال الذي يسأله كل ملحد , بل ربما كل انسان فكر فيه يوماً ما ولو بشكل عابر
والرد البديهي التلقائي انظر للكون حولك انظر الى نفسك انظر الى تكوينك , لكن هل هذا رد كافي أو مقنع ؟
مسألة أن يكون الرد مقنع للسائل ليست فيصل في هل الإجابة صحيحة أم لا , لأن كثير من الناس لا يحب ان يقتنع مهما كانت الحجج قوية
ما الدليل على وجود خالق؟
هذا السؤال في حد ذاته يدل على حماقة قائلة مهما كان بين الناس معروف بعلمه وذكائه لكن قد يتصرف بعض الأذكياء بحماقه في كثير من الأمور
لأنه كونه يفكر لكي يسأل السؤال هذا معناه ان هناك من خلقه فعلياً وجعله كائن مفكر يطرح الأسئلة
الإنسان بطبعه كائن يتأقلم مع حياته لدرجة انه ينسى ان حياته ممتلئه بالمعجزات
لنرجع بالزمن قليلاً لبدايات القرن العشرين
عندما تم اختراع التلفاز الناس أصبحت منبهرة كيف سيتم بث صورة مرئية متحركة وصوت عبر شاشة زجاجية تحتوي بعض البلاستيك والمعادن , كيف سيتم بث تلك الصور عبر الهواء لتستقبلها قطعة من الحديد
اليوم الناس تتعامل مع التلفاز على انه شئ عادي لا يوجد اى شئ مبهر به اعتادوه فنسوا كيف انه طفرة في التاريخ البشري
وتجد طفل ربما ينبهر كونه استطاع تلوين صورة ورقية في المدرسه لكن لا يشعر بأى انبهار وهو يشاهد التلفاز او يفكر في مدى تعقيد هذا الجهاز مقارنة بالصورة كونه اعتاد وجود التلفاز لكنه لم يعتاد بعد ما يستطيع انجازه
نفس الشئ الإنسان يعتاد وجوده ووجود من حوله فينسى كم هو كائن معقد وكيف انه اعظم من أى اختراع وصلت له البشرة
نحن كبشر الآن وفي وقتنا الحالي لدينا انترنت لدينا تلفاز لدينا حواسيب وهواتف لدينا صروح تكنولوجية عملاقة والكل يقف منبهرا لما وصلنا له
ونستطيع ان نهدم كل هذا ونعيد بناءه سيكلف مال وجهد لكن في النهاية نستطيع اعادة بناءه
ومع ذلك بالرغم عجزنا التام على خلق كائن حي ولو بحجم بعوضة
نقول ان تلك البعوضة التي هي أكثر تعقيدا من كل ما بنته البشرية ونعجز عن صنع مثلها , انها شئ يمكن ان ياتي بمحض الصدفة
لن نقبل ان هاتف او تلفاز يأتون صدفة مع اننا نملك امكانية صنعهم وبسهولة , لكننا نقول عن الحياة اتت صدفة دون صانع
وهذا قمة العبثية
نعود مرة اخرى للسؤال ما الدليل على وجود خالق؟
وهنا نقول أن السؤال خاطئ المفترض أن يكون السؤال ما هو الدليل على انكار وجود خالق؟
كل شئ حولنا نعرفه له صانع لا يوجد شئ في واقعنا نفكر ولو مجرد تفكير أنه اتى من العدم
لن ياتي شخص ويقول لك اثبت لي أن هاتفك هناك من صنعه وانه لم ياتي من العدم البديهي انه شئ له صانع
لن يدخل احدنا غرفة فيجد كوب قهوة فيذهب تفكيره انها ظهرت من العدم
لكنه يظن أن تفكيره صحيح عندما يظن ان الكائنات الحية بما فيها هو والكون العملاق كل هذا انه ممكن ان يكون قد أتى من العدم دون صانع
السؤال الصحيح ما دليلك على انكار الخالق , كيف تفسر وجود الكون والمخلوقات وتعقيد صنعها , ان كنا عاجزين عن صنع أبسط صور الحياة أن ابسط صور الحياة أعقد من أحدث جهاز حاسب ولن نقبل ان جهاز الحاسب سياتي دون صانع فعلى اى اساس تسند أن الحياة الأكثر تعقيدا منه ستأتي دون صانع ؟
ربما يكون كل هذا الكلام به بعض الفلسفة والتعقيد الزائد للإجابة على السؤال
لذلك نسأل للمرة الأخيرة ما الدليل على وجود خالق ؟
لخصها أعرابي في مقولة بسيطة ( إن البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير)
من يرى أثر الأقدام سيعرف ان هناك انسان مر من المكان وان لم يراه , ومن سيرى فضلات البعير سيعلم ان هناك بعير مر وان لم يرى اى شئ
فمن يرى هذا الكون من حولنا ويرى السماء ويرى بديع المخلوقات الا يدل هذا على أثر خالق عظيم وان لم يراه
قال الله تعالى في سورة البقرة ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)