قصيدة بك أستجير , من القصائد التي أثنى الكثير من الناس والتي قيل فيها تكتب بماء الذهب
القصيدة من أشعار
الشيخ ابراهيم علي البديوي السوداني
ولد عام 1903 في مركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة بالسلطنة المصرية. التحق بالكتاب وهو بالخامسة من عمره وأتم حفظ القرآن الكريم، ثم التحق بمعهد الإسكندرية الديني عام 1920 وحصل على شهادة العالمية من كلية اللغة العربية عام 1935. عُين مدرسًا للأدب العربي بمعهد طنطا الأزهرى عام 1937، ورُقي وكيلًا للمعهد عام 1954، بعدها عين شيخا لمعهد دسوق الأزهري عام 1959، ثم أصبح شيخًا للمعهد الديني بالإسكندرية وشيخًا لعلماء الإسكندرية عام 1962. اختير بعد بلوغه سن التقاعد مستشارا لمحافظة البحيرة للشؤون الدينية ورئيسا لجمعية الشبان المسلمين بالبحيرة ورئيسا للجمعية الشرعية. أنشأ مكاتب وحلقات تحفيظ القرآن الكريم. توفى في محافظة العاصمة عام 1983.
الكلمات
بك أستجير ومـن يجير سواكـا ... فأجرْ ضعيفـاً يحتمي بحماكـا
إني ضعيف أستعين علـى قِوى ... ذنبي ومعصيتي ببعـض قِواكـا
أذنبت يـا ربي وآذتنـي ذنـوبٌ ... مالهـا مـن غافـر إلاكــا
دنيـاي غرَّتني وعفـوك غرَّنـي ... ما حيلتـي في هـذه أو ذاكـا
يـا مدْرك الأبصار والأبصـار لا ... تـدري لـه ولكُنْهِـه إدراكـا
إنْ لم تكن عيني تـراك فإننـي ... في كل شيء أستبين عُلاكـا
يـا مُنبِت الأزهـار عاطرةَ الشذا ... هذا الشذا الفواحُ نفحُ شذاكـا
رباه ها أنا ذا خلصت مـن الهوى ... واستقبل القلب الخليُّ هواكـا
وتركـت أُنسي بالحيـاة ولهوهـا ... ولقيتُ كـلَّ الأنس في نجواكـا
ونسيت حبي واعتزلـت أحـبتي ... ونسيت نفسي خوفَ أنْ أنساكا
أنا كنتُ يـا ربي أسير غشـاوة ... رانتْ علـى قلبـي فضلَّ سناكـا
واليوم يـا ربي مسحتُ غشاوتي ... وبـدأت بالقلب البصيـر أراكـا
يا غـافر الذنب العظيم وقابـلاً ... للتـوب قلـباً تائـبـاً ناجاكـا
يا رب جئتك ثاوياً أبكـي علـى ... مـا قدمتْـه يـداي لا أتبـاكـى
أخشى من العْرض الرهيب عليك يا ... ربـي وأخشى منـك إذ ألقاكـا
يا رب عـدت إلى رحابك تائبـاً ... مستسلماً مستمسكـاً بعُـراكـا
مـالي ومـا للأغنيـاء وأنـت يـا ... ربـي الغنيُّ ولا يُحـدُّ غنـاكـا
مالي ومـا للأقويـاء وأنـت يـا ... ربي عظيـم الشـأن مـا أقواكـا
إني أويتُ لكل مأوى في الحيـا ... ة فمـا رأيت أعـزَّ مِـن مأواكـا
وتلمستْ نفسي السبيلَ إلى النجا ... ة فلم تجد منجـى سـوى منجاكـا
وبحثت عن سر السعـادة جاهـداً ... فوجدت هذا السرَّ فـي تقواكـا
فليرضَ عني الناسُ أو فليسخطـوا ... أنا لم أعُد أسعـى لغيـر رضاكـا
أدعـوك ياربـي لتغفـرحوبتـي ... وتعينـني وتمـدّنـي بهـداكـا
فاقبلْ دعائـي واستجبْ لرجاوتـي ... ما خاب يوماً من دعـا ورَجاكـا
يا ربُّ هذا العصر ألحـد عندمـا ... سخَّرتَ يا ربـي لـه دنيـاكـا
ما كان يطلـق للعـلا صاروخَـه ... حتـى أشـاح بوجهـه وقلاكـا
أو مـا درى الإنسـان أن جميع مـا ... وصلت إليه يـداه مـن نُعماكـا
يا أيهـا الإنسـان مهـلاً واتئـد ... واشكر لربك فضْلَ مـا أولاكـا
أفـإن هـداك بعلمـه لعجيبـةٌ ... تـزورُّ عنـه وينثنـي عِطفاكـا
قـل للطبيب تخطَّفته يـد الـردى ... يا شافـي الأمراض من أرداكـا ؟
قـل للمريض نجا وعـوفي بعدمـا ... عجزتْ فنونُ الطب ، من عافاكا ؟
قـل للصحيح يموت لا مـن علـةٍ ... مَن بالمنايا يا صحيـح دهاكـا ؟
قـل للجنين يعيـش معـزولاً بـلا ... راع ٍ ومرعى ما الذي يرعاكـا ؟
قـل للوليد بكى وأجهـش بالبكـا ... عند الولادة ما الـذي أبكاكـا ؟
وإذا تـرى الثعبـان ينفـث سمَّـه ... فاسأله من ذا بالسموم حشاكـا؟
واسـأله كيـف تعيش يا ثعبـانُ أو ... تحيا وهذا السـمُّ يمـلأ فاكـا؟
واسـأل بطونَ النحل كيف تقاطرتْ ... شهداً وقل للشهد مـن حلاكـا؟
بل سـائل اللـبنَ المصفـى كان بيـ ... ـن دم وفرث مـن الـذي صفاكا؟
وإذا رأيـت الحـيَّ يخرج من ثنايـ ... ـا ميِّت فاسألـه مـن أحيـاكـا ؟
قـل للهواء تحسُّه الأيدي ويخفـى ... عن عيون الناس مـن أخفاكـا ؟
وإذا رأيـت البدر يسـري ناشـراً ... أنواره فاسألـه مـن أسراكـا ؟
وإذا رأيـت النخل مشقوقَ النـوى ... فاسأله من يا نخل شقَّ نواكـا ؟
وإذا رأيـتَ النـارَ شـبّ لهيبُهـا ... فاسأل لهيبَ النار من أوراكـا ؟
وإذا تـرى الجبـل الأشم مناطحـاً ... قممَ السحاب فسلْه من أرساكا ؟
وإذا تـرى صخراً تفجَّـر بالميـاه ... فسله من بالماء شـقَّ صفاكـا ؟
وإذا رأيـتَ النهر بالعـذب الزلال ... جرى فسله من الـذي أجراكـا ؟
وإذا رأيـت البحر بالملح الأُجـاج ... طغى فسله مـن الـذي أطغاكا ؟
وإذا رأيت الليـلَ يغشـى داجيـاً ... فاسأله من يا ليل حـاك دُجاكا ؟
وإذا رأيت الصبـحَ يسفر ضاحيـا ... فاسأله من يا صبح صاغ ضُحاكا ؟
هذي العجائـبُ طالما أخـذَتْ بهـا ... عينـاك وانفتحـت بهـا أذناكا
والله فـي كـل العجائـب مبـدِع ... إن لم تكن لتـراه فهـو يراكـا
يا أيهـا الإنسـان مهـلاً مـالذي ... بالله جل جـلالـه أغـراكـا ؟
فـاسجـد لمـولاك القديـر فإنمـا ... لابـدَّ يوماً تنتـهـي دنيـاكا
وتكـون في يـوم القيامـة ماثـلاً ... تجزى بما قـد قدمتْـه يداكـا